الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
طلب العلم وفضل العلماء
12214 مشاهدة
صور من حرص العلماء في طلب العلم

هذه حياة أهل العلم الذين أفنوا حياتهم في ذلك وقد أخبروا بالصعوبات التي لاقوها، وما صبروا عليه من المشقات، وأنهم ما حصلوا على هذا العلم إلا بعد ما وصلوا إلى ما وصلوا إليه واجتهدوا؛ فقد روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه كان إذا بلغه الحديث عن أحد الصحابة ذهب إليه حتى في القيلولة في شدة الحر في وسط النهار، فإذا طرق بابه وقيل: إنه نائم، وقف أو جلس عند الباب في شدة الحر حتى يستيقظ للصلاة، فإذا استيقظ ورآه عند الباب استنكر وقال: كيف وأنت ابن عم النبي -صلى الله عليه وسلم- وتجلس في الشمس؟! فيقول: إني كرهت أن أوقظك. فيقول: هلا أخبرتني فآتيك؟! فيقول: لا، العلم يؤتى ولا يأتي، حامل العلم يستحق أن يعنى به، أو كما قال ذكره الدارمي في سننه، هكذا كان رضي الله عنه.
كذلك روي عن الإمام الشافعي أنه تكلم بكلام يدل على فضل العلم وعلى فضل الحرص، وعلى فضل مواصلة العلم يقول فيما روي عنه: العلم بطي اللزام، بعيد المرام، لا يدرك بالسهام ولا يرى في المنام، ولا يورث عن الآباء والأعمام، إنما هو شجرة لا تصلح إلا بالغرس ولا تغرس إلا في النفس، ولا تسقى إلا بالدرس، ولا يحصل إلا لمن أنفق العينين وجثا على الركبتين، ولا يحصل إلا بالاستناد إلى الحجر، وافتراش المدر، وقلة النوم، وصلة الليلة باليوم، انظر إلى من شغل نهاره بالجمع وليله بالجماع، أيخرج من ذلك فقيها، كلا والله!! حتى يعتضد الدفاتر ويستحصل المحابر، ويقطع القفار، ولا يفصل في طلبه بين الليل والنهار.
ولا شك أن هذا منه -رحمه الله تعالى- حث على الصبر والمصابرة في طلب العلم، وبيان منه أن أهله يلاقون فيه الصعوبات والمشقات، ويصبرون علي قطع القفار التي هي الفيافي والمفازات والأسفار، حتى إن بعضهم كان يسافر مسيرة شهر لأجل أن يحصل على حديث واحد، وحتى كان بعض مشايخنا، ومشايخ مشايخنا يبيت الليل كله ينسخ ويكتب، ولا يتفرغ لأكل عشائه إلا بعد أذان الصبح أو قرب أذانه، وكل ذلك من نهمهم وحرصهم على طلب العلم وتعلمه.
وكذلك أيضا حرص كثير منهم في كتابة العلم، على أن ينفعوا الأمة بما يكتبونه، فقد روي أن بعض العلماء كابن جرير مكث أربعين سنة يكتب في كل يوم أربعين ورقة، أي: ثمانين صفحة من التأليف، وذلك لا شك أنه يأتي إلى مؤلفات كثيرة.
وآخر من العلماء ذكروا أنه بعد كل صلاة عشاء كان يكتب عشرين ورقة في كل ليلة قبل أن ينام، ويصبر على البحث وطول التنقيب، وذلك كله حرص منهم على المعرفة وعلى نفع الأمة بما يصلون إليه، أو بما ينتفع به بعدهم.